تصف مجلة Kirkus reviews عمل الواقعون لكارلوس ألباريز (برواية ثاقبة لعائلة وبلد يتحلل من الداخل… كتب كارلوس مانويل ألباريس استكشافاً دقيقاً ومؤثراً لتكلفة الأيديولوجيا العمياء على حياة العائلات البسيطة).
وهو ما اعتبره وصفاً دقيقاً لرواية تتسم بالتعددية السردية، حيث لكل فرد من العائلة المكونة من أربعة أفراد مساحته الخاصة للتعبير عن مآسيه وهمومه وتطلعاته الخاصة، ويربط بين جيلين ويبرز بشكل لا يخفى عن القارئ عنصر الفساد في كل نسيج المجتمع.
تبدأ الرواية مع الأبن دييغو الذي يؤدي الخدمة العسكرية الإجبارية، وهو ما لم يرد أن يفعله مفضلاً سلك أساليب ملتوية للتخلص من الواجب، وهو ما كان ممكناً الا ان والده أرماندو أرغمه على التجنيد. ويُصور الأب بطريقة أشبه بالمثالية من قبل الكاتب لإيمانه إيمانأً تاماً بالحيادية ومحاربة الفساد والمذهب الشيوعي، وهذا ما يسبب له العديد من المشاكل بدءاً مع رغبات ابنه المتناقضه وبروز النزعة الإنتقامية بداخله، إلى سرقته وتسريحه لعدم إندماجه بالمنظومة. ولا تخفى نزعة السخرية في شخصية الأب، للسبب الواضح وهو اختفاء القيم وتناقضها في المجتمع الذي كان يتمثل بها.
وفي شخصية الأم " ماريانا" نلتقط ملامح انعدام الأمومة التي يتم تشخصيها خارجياً من قبل الأبناء، فتخبرنا ابنتها ماريا، عن حالة الصرع التي تنتاب والدتها بسبب تأثير العلاج الكيميائي والذي أثر على منطقة الفص الصدغي، مما يسبب مشاكل مستمرة في عملية الذاكرة والاستجابة العاطفية. ويسأل أبنها ساخراً عن حالة المرض " أهي نبتة؟" مشيراً إلى اختفاء ملامح إنسانيتها داخلياً وخارجياً وانعدام الاتصال العاطفي العائلي بينهما.
ويتركز دييغو في موضع يفتقر فيه إلى العاطفة التي حُرم منها على حساب تجميد العاطفة والإهمال، ولا يلمح دييغو بسبب ذلك أي حد لنوازعه الإنتقامية وتجريحه لوالده وتجريده لإنسانية أمه، والرواية بهذا الوصف هي تجسيد لمعاناة عامة قد تمر بها أي أسرة، وتُعتبر في رمزيات معينة تمثيلاً للحياة الكوبية. وينجح كارلوس ألباريز في التقاط صورة المجتمع بأبسط الكلمات وأكثر تأثيرها، وسيعثر القارئ مع كل قراءة متجددة لها عن طبقة مبطنة تكشف المزيد من المعاني.